الخديعة الكبرى -الجزء السادس-

شعوب إسرائيل وخرافة الانتساب للسامية

  • شعوب إسرائيل وخرافة الانتساب للسامية

اخرى قبل 4 سنة

الخديعة الكبرى -الجزء السادس-

شعوب إسرائيل وخرافة الانتساب للسامية

د.سالم سريه

تبرز اهمية الحديث عن اللاسامية(معاداة السامية) لا من حيث كونها اكذوبه وخدعة جديدة تضاف الى الخدع التي تم فضحها وتعريتها في الاجزاء الخمسة السابقة فقط بل اصبحت سيفا مسلطا على رقبة كل من ينبس ببنت شفة ينتقد فيها الكيان الصهيوني . فلم يعد هناك كاتب أو مفكر أو صحفي حر يجرؤ على فضح الصهيونية أو إدانتها دون أن يتعرض لتهمة اللاسامية ويلاحق قانونيا (راجع المنشور السابق حول تفاصيل القانون الامريكي الذي أقره جورج بوش).والمثير في هذا القانون هو رصد وملاحقة الدول والمؤسسات والافراد على مستوى العالم .وحذت فرنسا والمانيا وغيرها من الدول الاوروبية حذو امريكا .وهذه القوانين الصارمة التي سنتها هذه الدول هي التي اجهضت حملات المقاطعة لمنتجات الكيان الغاصب (بي دي اس ) التي خاضها الشرفاء في اوروبا ومست العصب الاقتصادي (لإسرائيل) . وما قصة الفيلسوف الفرنسي روجيه جارودي الذي تعرض لحرب شعواء أدت إلى تجريمه (بمعاداة السامية) عام 1998م عبر محكمة فرنسية فقط لانه شكك برقم الذين احرقوا بالمحرقة النازية في كتابه (الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية) حيث عزل وتخلى عنه كل المقربين حتى وفاته. كما تعرض فالدهايم مستشار النمسا إلى حملة شعواء من قبل اليهود عند استلامه رئاسة النمسا وما ذلك إلا انه عندما كان أمينا عاما للأمم المتحدة صدر قرار بان الصهيونية حركة عنصرية.واتهم الرئيس محمود عباس بهذه التهمة وطلب منه الإعتذار لمجرد عبارة وردت في خطابه في المجلس الوطني سنة 2018.حين قال أن "معاداة السامية في أوروبا لم تنشأ بسبب الدين اليهودي". وكذا الحال مع مهاتير محمد ورشيدة طالب والهان عمرعام 2019 وغيرهم وغيرهم .

وقبل التطرق الى موضوع اللاساميه علينا ان نذكرالقراء مرارا إن اليهود الذين يكونون شعوب إسرائيل حاليا والذين جاءوا من أكثر من اثنتين وسبعين دولة لا يشكلون امة او قومية واحدة او جنسا واحدا وإنما هم مجموعة قوميات وامم وأجناس وأخلاط متنوعه تم جمعهم من كافة بقاع الارض ليستوطنوا في فلسطين كما انه من الخطأ القول بوجود جنس يهودي واحد وإلا كيف يجمع بين يهود الفلاشا ويهود التاميل في الهند ويهود الصين والتركمستان وكردستان واليمن وبولندا وروسيا أو غيرها من يهود العالم ليشكلوا شعبا واحدا !!!!!.[1] . فالمفكر اليهودي (يوسف حاييم برنر) يقول : كل ما نعرفه عن حياتنا يشير إلى ان الجماهير اليهودية ليس لها السمة الاجتماعية بالمعنى السوسيولجي , ونحن لسنا شعبا مترابط الأجزاء .(أوهام التاريخ اليهودي ص261). فيهود اليوم وتوراتهم المزعومة شيء واتباع النبي موسى –عليه السلام –وتوراته شيء آخر. فلا علاقة بين يهود الوقت الحاضرلا من قريب ولا من بعيد ابدا بينهم وبين يعقوب عليه السلام أو إبراهيم عليه السلام أو سام ابن نوح عليه السلام وليس لهم كذلك أي علاقة بالأسباط الأثني عشر الذين تفرع منهم اليهود القدامى. فلم يبق من اتباع اليهود الاصليين سوى السامريون . والسامريون اليهود الفلسطينيين هم اصغر فرقة دينية في العالم بل هم اصغر شعوب الأرض من عهد موسى إلى الآن . إذ لا يتجاوز عددهم 600 شخص وهم بنو إسرائيل الأصليون ... ويقيمون في فلسطين منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام وحتى الآن.[2 (راجع الجزء الثاني من الخديعة الكبرى – يهود الخزر ).

اللاسامية أو معاداة السامية :هو مصطلح يعني معاداة اليهود كمجموعة عرقية ودينية وإثنية .وهذا المصطلح تبنته الحركة الصهيونية واتخذته غطاء لتقول للعالم ان من يعادي الصهيونية هو من يعادي اليهوديه وزرعت في وعي الشعوب ان اللا سامية مرادفه تماما للاصهيونية .وهنا يبرز جوهر الخداع الصهيوني المطلوب فضحة وتعريته . وكلمة “سامي” مأخوذة مما ورد في الاصحاح العاشر من سفر التكوين من أن أبناء نوح هم سام وحام ويافث.فهذه التوراة المزعومة تشير الى ان يهود اليوم هم من نسل سام ابن نوح بينما المؤكد أن اليهود الحاليين ينتسبون إلى يافث ثالث أبناء نوح وأنهم من أصل أوربي شرقي من قبائل الخزر التركية المنغولية التي كانت تعيش في أواسط آسيا.[3]

ويقول الدكتور احمد سوسه ان تسمية (السامية) اطلقت على الشعوب التي زعم انها انحدرت من صلب سام وكان اول من اطلقها بهذا المعنى شلوتزر عام 1781 م فشاعت منذ ذلك الحين واصبحت عند علماء الغرب مسلمة سرت الى المؤرخين العرب وباحثيهم عن طريق الاقتباس والتقليد على الرغم من ان هذه التسميه لا تستند الى واقع تاريخي او الى اسس علمية صحيحه او وجهة نظر لغوية اذ تعتبر اكثر ما تعتبر الحدود الجغرافية والعلاقات السياسية ويضيف (ٌ فكتبة التوراة مثلا حشروا في السامية شعوبا لا يعدها العلم الحديث من السامييت مثل العيلاميين واللوديين واقصوا جماعة كان ينبغي ادخالها في زمرة الساميين مثل الفينيقيين والكنعانيين مع انه كانوا يعلمون حق العلم ان الكنعانيين هم الساميون العرب الاصليون سكان فلسطين الاولون[4] .

وإذا ما رجعنا إلى السامية والسامين وبحثنا في المراجع القديمة ودوائر المعارف وكتب التاريخ والسير وعلم اللغات وعلم الإنسان وعلم اللغة المقارن نجد تعريفات متشابهة متقاربة في فكرها وتوجهها ":فالسَّامِيُّون مجموعة من الشعوب سكنت أساسًا بلاد الرافدين وبلاد الشام وشبه الجزيرة العربية وشمالي إفريقيا والحبشة مثل السومريين والآشوريين والبابليين والإيبلاويين والكنعانيين والفينيقيين والآراميين والسريان والعبرانيين، والأنباط، والشعوب العربية كلها. وقد قدَّمَت هذه الشعوب السامية للعالم الحروف الهجائية، وكانت بلادها مهدًا للديانات السماوية الثلاث: اليهودية والنصرانية والإسلام، ويعتقد بعض علماء الأنثروبولوجيا(علم الإنسان) أن هذه الشعوب كانت شعوبًا مترجلة في شبه الجزيرة العربية، وقد اجمع لفيف من العلماء أمثال بروكلمان ووليم رايت وادوار دوروم ودافيد يلين ":على أن اللغة العربية الفصحى هي بلا منازع أقدم صورة حية من اللغة السامية الأم واقرب هذه الصور إلى تلك اللغة التي تفرعت منها بقية اللغات السامية فإذا كان هذا هو الحال للشعوب التي عاشت في منطقة الشرق الأوسط من أنها تعود بمجملها إلى عرق واحد واصل واحد هو سام بن نوح وتتكلم لغة سامية واحدة . الا ان الصهيونية* تعمدت اطلاق السامي على اليهودي وأصرت على اطلاق مصطلح معاداة السامية على كل الحركات والأفعال المناوئة لليهود في أوروبا، وفي كل أنحاء العالم فيما بعد، تجنباً منها لاستعمال مصطلح معاداة اليهود بسبب ما اكتسبه لفظ اليهودي من ظلال قبيحة في أذهان الشعوب الأوروبية عبر التاريخ.

وإستناداً إلى ما تم ذكره في القرآن الكريم عن بعض اليهود في فترة غير محددة تاريخياً في الآية 65 من سورة البقرة "وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ"[26]و في الآية 60 من سورة المائدة "قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ.وقال تعالى{ ..يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }المنافقون4

وفي المسيحية تعود أصول معاداة السامية إلى اتهام اليهود بصلب عيسى -عليه السلام- واضطهاد تلاميذه في القرون المسيحية الأولى مستندين بذلك على قول اليهود أثناء محاكمة يسوع: "دمه علينا وعلى أولادنا". كما تم اتهام اليهود بعدة تهم ومنها تسميم آبار المسيحيين[18] والتضحية بالأطفال كقرابين بشرية[19][20] وسرقة خبز القربان وتدنيسه.[21] وبسبب هذه التهم تم طرد معظم اليهود من دول أوروبا الغربية إلى شرق ووسط أوروبا و بلاد المغرب العربي-[5]

ويقول البعض ان الصحفي (وليم مار) قد كان هو أول من استخدم هذا المصطلح عام 1879م لتمييز الحركة التي تضاد اليهود آنذاك , تلك الحركة التي وجدت تأييدا من المستشار الألماني بسمارك آنذاك , وجمعت جمعية معاداة السامية 255 ألف توقيع للمطالبة بطرد اليهود , كما حصل حزب معاداة السامية 15 مقعد عام 1893م . وانتقلت حركة معاداة السامية من ألمانيا إلى بقية دول أوربا حيث تجددت في روسيا عام 1881م وتم تكوين حركة لمعاداة السامية في النمسا عام 1895 كما نشأت كذلك حركات معادية للسامية في انكلترا وايطاليا والولايات المتحدة الأمريكية كل تلك الحركات كونت لمحاربة اليهود تحت شعار معاداة السامية .[6]

وحين جاءت الصهيونية تلقفت هذا العداء لتجعل منه ظاهرة وعقيدة راسخة في النفوس. وكان موسى هس (1812-1875) من أوائل المفكرين الصهيونيين الذين حاولوا استغلال اللاسامية وجعلها عقيدة صهيونية. ففي محاولة هس حل المسألة اليهودية هاجم اليهود الذين يدعون إلى الانصهار او الاندماج في المجتمعات الغربية، وذهب في محاولته الرد على تفوق العرق الآري إلى الادعاء بأن الانسانية عاجزة بحكم تكوينها العضوي عن التقدم بدون اليهود.

أما ليو بنسكر (1821-1891) فقد حاول أن يجعل من اللاسامية مرضاً موروثاً لدى شعوب العالم فقال ان كراهية الشعوب لليهود مسألة نفسية، وان اللاسامية مرض لا يمكن علاجه لأنه عاهة تنتقل من الأب إلى الابن، وان التقدم مهما عظم لن يقتلعها، إلا اذا تغير وضع اليهودي تغييراً جذرياً.

ثم جاء هرتزل. وفي عهده حدثت القضية المشهورة (قضية درايفوس)* التي استغلتها الصهيونية أبشع استغلال وجعلت منها عنوانا للاسامية، وجعلت هرتزل بغير وجهة نظره ويذهب إلى أن المسألة اليهودية ليست مسألة اقتصادية بل قضية قومية، وأن حلها لن يكون إلا بجعلها مسألة سياسية.ورأى هرتزل أن اللاسامية أعادت القوة إلى اليهود، وأنها مفيدة للحركة الصهيونية ولتطوير الفردية اليهودية.ثم جاء حاييم وايزمان أن اللاسامية مسألة نفسية، وأنها باقية ما دام اليهود موجودين.كل ذلك كان من أجل دفع اليهود إلى أحضان الصهيونية والحيلولة دون اندماجهم في الأمم الأخرى وزرع الشك والريبة والخوف في نفوسهم، أو بزرع الاستعلاء والغرور ومزاعم التفوق- [7]

خلاصة القول :

* قضية درايفوس هي قصة الضابط الفرنسي (اليهودي) الذي اتهم بخيانة فرنسا وتعامله مع الالمان حيث تم تجريده من رتبته العسكرية واهانته ثم نفيه .وبعد اعادة التحقيق ثبتت برائته .ولكن كونه يهوديا وتعرض للاضطهاد استغلها هرتزل للمناداة بوطن قومي لليهود .

الهوامش:

1 شعوب إسرائيل وخرافة الانتساب للسامية .د عبد الفتاح مقلد الغنيمي 2002 العربي للنشر (ص8).يمكن تحميله من الانترنت عل هذا الرابط https://www.noor-book.com (كتاب ثري جدا بالمعلومات حول يهود الخزر)

2 المصدر السابق ص100

3المصدر السابق ص7

4 العرب واليهود في التاريخ د.احمد سوسه( ص129 ).يمكن تحميله من الانترنت عل هذا الرابط https://www.noor-book.com

5 -ويكيبيدياhttps://ar.wikipedia.org/wiki توجد عدة كتب مصنفه على هذا الرابط

6 اللاسامية في الفكر الصهيوني الجذور التاريخية والأهداف عبد الوهاب محمد الجبوري يمكن تحميله من الانترنت على هذا الرابط http://www.maktbtna2211.com/book/21893

7د .فايز رشيد http://www.arabjo.net/?p=29585

التعليقات على خبر: شعوب إسرائيل وخرافة الانتساب للسامية

حمل التطبيق الأن